منعتْ تونس الحجاب في عهد زين العابدين، وقبلها تركيا، ولكنهما لم يتعرضا لنفس حملة الانتقادات التي واجهَتْهَا فرنسا من قِبَلِ رجال شريعة وعموم أفراد المجتمعات العربية، رغم أن الدول الإسلامية أولى بالانتقاد، مما يشير إلى أن ثمة فئات كان من مصلحتها إثارة الأمر وتضخيمه فيما يتعلق بفرنسا لأسباب أيدولوجية وسياسية.
في قضية حمزة كَشُغْرِي استغلت بعض الفئات الأمرَ لتصفية الحسابات ضد كُتَّاب الصحف ومَن يعتبرونهم ليبراليين، واتهامات لمثقفين بعينهم، وجملة اتهامات لفئات من المجتمع، ومطالبات لمحاكمة أطراف أخرى، كما شهد تويتر اتهامات بالردة ودعوات للقتل.
واستُغِلَّ الأمر لمحاولات الوقوف ضد بعض مظاهر التطور الحضاري والثقافي في المجتمع، فلم يَدَعُوا أمرًا إلا وأقحموه، أو جعلوه سببًا في تصرُّف حمزة كشغري، من مقاهٍ ثقافية، وابتعاث خارجي، ومعارض الكتاب، ومنتديات إنترنت طالبوا بإغلاقها، وأعمال أدبية طالبوا كذك بمحاكمة اصحابها، فالقضية باتت فرصة لا تفوت للداعين للتقوقع والعودة إلى عصور الظلام تحت ذريعة الدفاع عن رسول الله عليه الصلاة والسلام.
ولم يُفوت العنصريون الفرصة، فلم تكن غايةُ كثير منهم الدفاع عن نبي الأمة، ولا الغيرة عليه مقصدهم، بل هي فرصة سانحة للتعبير عن مواقفهم العنصرية تحت ذريعة الدفاع عنه ولو صدقوا لاهتدوا بهديه، ومن ذلك أحد شعراء الشعر الشعبي الذي استغل الفرصة للتعبير عن أسقامه العنصرية ضد عائلة الشاب وأنهم عبدة التنين، ولمز عنصري وسخرية بأهل الحجاز، كذلك رجل شريعة معروف في قصيدة بالفصحى لم يَفُتْهُ الأمر لممارسة موقف عنصري بغيض في ثنايا قصيدته تحت ذريعة الدفاع عن رسول الله، غير آبه بنهي حبيبنا المصطفى عن العصبيات الجاهلية والتنابز بالألقاب؛ لا سيما أنها تطال أسرة الشاب وأقاربه.
كم هي جميلة الغيرة على رسول الله، وكم هو قبيحٌ استغلال القضية لأجل أمور لا صلة لها بالدفاع عن رسولنا الكريم.