مدونة عبدالرحمن الكنهل

Search

الناقمون على سوريا الجديدة: بين النياح والأكاذيب

منذ اليوم الأول لعودة حراك الثورة في سوريا في 27 نوفمبر 2024 والبدء في تحقيق انتصارات وصولاً إلى دمشق وفرار بشار الأسد وخروج أعداد كبيرة من المنسيين لسنوات وعقود في السجون والأقبية المظلمة، وتحرير الشعب السوري من سطوة نظام مجرم ظالم مارس أبشع الانتهاكات ضد حقوق الإنسان، وارتكب إبادة جماعية لشعبه، ودمر سوريا، وقتل ما قد يصل إلى المليون مدني رجال ونساء وأطفال، والبعض قضى نحبه، بسبب التعذيب، وشرد الملايين يتوقون اليوم للعودة لوطنهم بعدما أشرقت عليه شمس الحرية والكرامة ورغم الفرحة العارمة التي عمت سوريا إلا بعض وسائل الإعلام العربية وبعض الإعلاميين أصبحوا في حالة توتر شديدة مما حدث، وغاضبون جداً من كل ما يحدث فلا تدري أين وجعهم وألمهم! فهل الألم خروج المخفيين قسرياً من غياهب السجون التي وصلت فترة سجن بعضهم إلى أربعين عاماً؟ أم خروج الأطفال من السجون؟ أم توقف جرائم التعذيب؟ أم توقف البراميل المتفجرة؟ أو توقف روسيا عن قصف المدنيين وقتل الأطفال والنساء؟ أم خروج إيران و حزب الله ومعه سقوط محور الممانعة المزعوم؟ أم سقوط مصانع المخدرات وتصدير الكبتاجون؟ أم بدء عودة السلطة لشعب سوريا والسعي لتعزيز وحدته الذي كان معرضاً للتقسيم، بسبب نظام بشار؟ أم سقوط حزب البعث بكل ما حمله طوال تاريخه من غدر وخيانة لسوريا الوطن والشعب ووحشيته التي لم ترحم مسناً، ولا امرأة، ولا طفلاً، ولا أي رجل نزيه ومخلص لوطنه ومجتمعه؟ أو عودة ثروات سوريا إلى شعب بعدما كانت منهوبة لعقود من زمن مظلم؟ أو عندما يجبرون السوريين على ترديد “لا إله إلا بشار”؟ أم أوجعهم كثيراً أنه سوف تختفي مشاهد الهاربين من جحيم النظام وسط لجج البحار وأمواجه ما بين أمل الوصول إلى أرض تأويهم وخوف ورعب وسط الظلام وشدة البرد ومواجهة احتمالات الغرق أو مواجهات خفر السواحل لبعض الدول؟! أم أن هؤلاء الشرذمة من الإعلاميين كان يسعدهم كثيراً مشاهد الخيام البالية يقطنها ضحايا النظام البائد يموت بعضهم من شدة الجوع أو من شدة البرد، وبدء انتهاء الأوضاع الإنسانية الموغلة في الألم والوجع الإنساني؟ أم أوجعهم أن معاناة الشعب السوري المشرد في أنحاء العالم، أوشكت أن تضمحل ومعه قرب انتهاء ما يتعرض له من تمييز عنصري تارة، ومن تهديد من طردهم تارات أخرى؟! وللأسف بعض الدول العربية تسميهم ضيوفاً، ولكن تعاملهم بشكل سِيءَ، فأن سلموا من قرارات حكومية تضيق عليهم كما يحدث اليوم فلم يسلموا من إعلام وأقلام ومنشورات النائحات المستأجرات.

أخبرونا أين مكمن الألم لديكم؟
انتصرت ثورة شعب قدم تضحيات كبيرة، ونجح في إسقاط نظام مجرم، فلماذا كل هذا الوجع إلى حد الصراخ والزعيق والتخويف والتهويل من أخطار زوال ما عانى منه الشعب السوري من ظلم وخوف ورعب وتدمير ودمار وتشريد وغياهب السجون والمقابر الجماعية بمئات الألاف؟
لماذا كل هذا الوجع لديكم عندما زالت أوجاع ملايين من الشعب السوري، أوجاع جاوزت في وجعها حجم السماء، وينوء بحملها الجبال.

أما هيئة تحرير الشام بقدر ما نسب إليها الخطاب الإسلاموي الذي يميل إلى الخطاب الأممي على حساب الخطاب الوطني، وممارسة الإرهاب ونحوه إلا أنه يتم تجاهل التحولات التي طالتها لا سيما قائدها أحمد حسين الشرع (أبو محمد الجولاني) والتحول إلى الخطاب الوطني الجامع لكل أطياف وطوائف المجتمع السوري وهيئة تحرير الشام منذ أن حققت انتصارها الكبير للثورة الذي انتصر معه شعب سوريا كله، ومنذ سيطرة الإدارة الجديدة ورغم الصعوبات والتحديات الكبيرة في الداخل، وفي محيطها الإقليمي إلا أنها وبشهادة الكثيرين تقدم حتى اليوم أنموذجاً مميزاً في إدارة تلك المرحلة الحساسة، وفي طريقة تعاملها المتوازن مع كم كبير من القضايا التي يغص بها الداخل السوري، ويخنقه محيطه الجغرافي الذي ما بين مضطرب وما بين مستغل للوضع وما بين جار خائف.

الإرهاب ليس بالضرورة لحية وعمامة وأسماء رمزية ونحوه، بل قد يكون كما هو حال البعث السوري وأسرة الأسد، التي استخدمت كل موارد الدولة وقدراتها وإمكانياتها لممارسة أبشع صور إرهاب الدولة ضد الشعب بأبشع أشكاله، فصنعت في داخله الخوف والضعف والخنوع لأجل حماية نظام حاكم ولأجل نهب ثرواته، ولأجل حماية أمن إسرائيل في الجولان، نعم حماية أمن إسرائيل أيها الغاضبون والمحتاجون، لهذا مقال بإذن الله.

وإذا كان هذه المؤسسات الإعلامية والإعلاميين يرددون بفرح وحبور وبلغة منتصر أن أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني) مطلوب من قبل الولايات المتحدة الأمريكية هل يجهلون أم يتجاهلون أن النظام السوري برمته مدرج ضمن قائمة الدول الراعية للإرهاب؟!

هذا النظام المجرم الذي يعجز العقل البشري والنفس البشرية السوية عن تصور حجم جرائمه ووحشيتها.
يُعتقل ويُسجن الإنسان السوري إما بشبهة عدم الولاء المطلق للنظام، أو لمجرد كلمة حملت رأياً ما تصريحاً أو تلميحاً.
أليس هذا إرهاب؟!
كم سمعنا وشاهدنا مقاطع تدمي القلب لقصص مروعة عن اغتصاب السجينات وغيرهن من قبل النظام وميلشياتها، وهذه الممارسات الإجرامية تمم على نحو ممنهج منذ الأسد الأب، وتتم في السجون على نحو ممنهج أكثر، فكم أنجبت من النساء أطفالاً لا تدري أي أب لهم؟!
أليس هذا أبشع من كل إرهاب؟!
اعتقالات لسنوات طويلة من دون محاكمة أو محاكمة صورية لا تستغرق أكثر من دقيقة، وإعدامات ميدانية للمدنيين بلا ذنب ولا جريرة.
أليس هذا إرهاب؟!
قصف المدنيين بأكثر من نوع من الأسلحة الكيماوية، وقصفهم بالنابالم الحارقة، وكلها محرمة دولياً حتى ضد الجيوش.
هل ثمة ما هو أبشع من هذا الإرهاب والجنون لدى نظام مجرم ضده شعبه؟

كم من الممتلكات صُودِرت سواء مساكن، أو سيارات أو شاحنات كانت مصدر رزق لسوري يعيش حياة الكفاف، وكم من متاجر مثل مطاعم ونحوها تم الاستيلاء عليها من دون وجه حق من قبل ميليشيات الأسد وعصاباته؟
أليس هذا جرم وإرهاب؟!
استخدام قوات أجنبية (روسيا، وإيران، وميليشيات حزب الله الإرهابي، ومليشيات ومرتزقة من عدة دول)، وضرب المدنيين بالبراميل المتفجرة لتدمر، وتقتل وتسبب إصابات بليغة وإعاقات مستديمة للرجال والنساء والأطفال.
أليس هذا أعظم من وأشنع من إرهاب أي عصابات إرهابية أخرى؟!

يتحدثون عن سقوط الدولة، ثم يهولون من ذلك، وكأن نظام الأسد كان يقود دولة حقيقية، وليس نظام إرهابي تسلط على شعب يعاني رغم كل الظروف الصعبة من اقتصاد منهك حتى وصل راتب الجندي لسبعة دولار فقط!
أليس هذا نظام يحق فيه للشعب السوري أن يقضي عليه؟
النظام السوري البائد رغم كل أعداء الشعب السوري وأعداء حريته نظام شهد الجميع بعظم جرائمه ووحشيته، ولا يمكن تصور ما بعده أن يكون أسوأ.
أما بالنسبة إلى المخاوف من نظام إسلام سياسي متشدد يصاغ من خلاله أو بتأثير كبير منه الدستور، ويؤدي إلى هيمنته على المنظومة السياسية والاجتماعية في سوريا، فلا شك أنها مخاوف بحد ذاتها مشروعة، ولكن هل الوقت مناسب لطرحها، وبهذا الشكل الحاد، والمحمل بقدر كبير من التخويف والتهويل الذي لا يحمل في طياته أي قلق أو مخاوف حقيقية على سوريا ووحدتها بل فقط مساعي محمومة لإفشال الثورة وإثارة الفتنة في مرحلة حرجة للغاية.
ليت الأمر توقف عند ذلك، بل وصل الأمر لدى بعض وسائل الإعلام تلك إلى ترويج الأكاذيب على نحو ممجوج لا أعلم أن كان هؤلاء أغبياء جداً إلى درجة أنهم عاجزون تماماً للوصول إلى طريقة مقنعة لمن يشاهدهم أو يقرأ منشوراتهم؟
أم أنهم يعتقدون أن جمهورهم أغبياء جداً ومجموعة من الحمقى والإمعات؟ فبين فينة وأخرى تجد في قنواتهم الرسمية في يوتيوب عناوين غبية كعادتهم من نوع : “فلان يفجر مفاجأة” المخلل الإستراتيجي يكشف أسرارا… ” “علان يكشف لأول مرة…” وكله حول سوريا التي جعلوا من أنفسهم أوصياء عليها، وهي في غنى عنهم.

هل إعلامهم الفاشل لا يعلم بأن سوريا الجديدة غصت بإعلاميين من مختلف القنوات العربية والأجنبية، ونشاهد الواقع من خلالهم أكثر من أكاذيبهم وفورة الجنون التي أصابتهم؟

رغم كل وجعكم وألمكم وصراخكم وعويلكم أكثر مما تفعل النائحة المستأجرة فأن الشعب السوري بكل طوائفه سعيد بهذا النصر الكبير.
واصلوا الصراخ والزعيق، فالقادة الجدد فرفضوا اليوم واقعاً لن يعود للوراء مرة أخرى حيث استبداد وظلم وجرائم الأسد وأعوانه. 

guest

0 Comments
Newest
Oldest
Inline Feedbacks
View all comments
Send this to a friend