ما هي الأشهر الحرم الأربعة التي حرم فيها القتال، ومن أول من أوجدها؟ ولماذا؟ وما هو الفرق بين الأشهر الحرم قبل الإسلام وبعده؟
يعتقد كثير منا أن الأشهر الحرم شرعت لأول مرة في الإسلام، وهذا خلاف الواقع، ونشأتها فيه قولان مشهوران، أما الأول فإن أول من أسس لها هو العرب قبل الإسلام بفترة طويلة وسبب ذلك كثرة الحروب وقطع القوافل، وطلب الثأر، مما جعل الكثير من العرب يمتنعون عن الحج.
فعدا فقدان الجانب الروحي، تأثرت التجارة التي تزدهر عادة أيام الحجتين الكبرى والصغرى، أما الكبرى الأشهر الحرم فيها ثلاثة ومتتالية (قبل الإسلام وبعده) وهي:
شهر ذي القعدة (وسبب التسمية الأساسي القعود عن الحرب)، وشهر ذي الحجة (وهو الذي يتم فيه الحج قبل الإسلام، وبعده) وشهر محرم (وسبب التسمية يحرم البدء بغزو أو قتل.
أما الشهر الرابع فهو رجب (اختلفت الآراء في سبب التسمية) وهو كذلك شهر يحرم فيه البدء بغزو أو قتل (قبل الإسلام وبعده) وهو شهر له قدسية عند العرب قبل الإسلام، واختلف المسلمون في مسألة مضاعفة الأجر أو السيئات في هذا الشهر.
نتيجة لهذا العهد عم السلام في الأشهر الحرم، وعظم العرب من شأنها، حتى إن الرجل يلتقي قاتل أبيه أو أخيه فلا يتعرض له.
الحجة الكبرى عند العرب ما قبل الإسلام فهي الحج في شهر ذي الحجة، والحجة الصغرى يؤديها العرب قبل الإسلام في شهر رجب وهي العمرة في الإسلام، ولكن أصبحت في سائر شهور السنة.
وكان السواد الأعظم من العرب ملتزمين بهذا العهد والميثاق ومتفقين أنها أربعة شهور المشار إليها مسبقاً، ومن يخالفه يعتبر معيباً ومجلبة للعار، ويسمونه فجوراً، عدا قلة من بعض القبائل العربية. أما يرفضون الأشهر الحرم كلياً، أو يزيدون في عدد الشهور
ومن هؤلاء “النسيء” و “النسيئة” في اللغة تأخير الشيء عن موعده فهم إما يؤخرون شهر محرم إلى صفر، فيقاتلون في الشهر المحرم، ويحرمونه في صفر، أو يؤخرون شهراً إلى عام آخر.
وهو ما حرمه الإسلام، قال الله -عز وجل- عنهم في القرآن الكريم: ﴿إنما النسيء زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاماً ويحرمونه عاماً ليواطئوا عدة ما حرم الله، فيحلوا ما حرم الله﴾
أشرت أعلاه إلى قولين مشهورين حول من أول من حدد الأشهر الحرم، وذكرت الأول وما تلاه من سرد.
أما القول الثاني في ذلك وهو رأي معتبر، ويشير إليه عدد كبير من المصادر أن الله -عز وجل- فرض الأشهر الحرم على النبي إبراهيم -عليه السلام- واتباع ملته، واتبع العرب قبل الإسلام هذا التشريع الرباني بعده، واختلف رجال الشريعة إذا الأشهر الحرام نٌسِخت أم لا.