نشرت بتاريخ 17 مارس 2011
فيلم البداية من من الأفلام المصرية الجميلة لما تضمنه من عمق المغزى.
الفيلم حسب ما أتذكر منه: مجموعة أشخاص سقطت بهم الطائرة بالقرب من واحة عندما يئسوا من إمكانية العثور عليهم قرروا إقامة دولة لهم لينظموا حياتهم، فقام نبيه بيه بتشويه سمعة أحد الشباب المثقفين لأنه علم أنه سوف يطرح مبدأ الديموقراطية لانتخاب رئيس جمهوريتهم الجديدة، بينما نبيه يخطط ليكون هو الزعيم أو الإمبراطور كما أسمى نفسه لاحقًا، لذا أخبر بعضهم أن الشاب المثقف كافر وملحد، وعندما بدا أحدهم وكأنه يشكك في الكلام واصل نبيه كلامه وكأنه يفضح الرجل “ده ديموقراطي” يعني عمره ما راح يورد على جنة، حتى اسألوه أتحداه ينكر، وفعلًا نجح في إقناعهم فكوَّن الجمهورية وهو زعيمها وسماها جمهورية نبهاليا، واهتم كذلك بتعزيز الجانب الأمني لحمايته، ثم قام بعد ذلك بتسخير شعبه الصغير نساءً ورجالًا لخدمته ببناء بيت كبير له، ثم منتجع وترك لهم في حياتهم الفتات.
يشبه الواقعَ العربيَّ في كثير من حالاته ما حدث في هذا الفيلم، ويشبه العقل العربي (أحيانًا) عقول الذي سخر منهم نبيه وجعلهم ينحازون له مستخدمًا الدين والتكفير لينقلب عليهم بعد ذلك ويمارس ضدهم الاستبداد والظلم.
الطامع والمتشبث في سلطة يكرسها للاستبداد والظلم يستخدم الدين تارة، وتشويه معاني الأشياء تارات أخرى والاتهامات بمختلف أنواعها، فيصطف الإنسان العربي إلى جانب الاستبداد ضد نفسه، يصطف إلى جانب الظلم الذي يقع عليه، يصبح أشبه بالعبد المسخر لخدمة حاكم أو أقلية حاكمة، ثم يدافع عن عبوديته بتأثير من تشويه لعقله المدجن ليصبح فيها عدو نفسه تمامًا منحازًا ضد وطنه وشعبه باسم الدين، في العصر الإغريقي خدمة الآلهة، وفي أوروبا قبل الثورات الكنيسة التي يحميها الملك، وفي عالمنا الإسلامي والعربي وُعَّاظ السلاطين، جميعُهم رغم المسافات الزمنية والجغرافية، ورغم اختلاف المعتقدات، رجال دين وكنائس ورجال شريعة سخَّرُوا الدين لمصادرة العقول وتدجينها لمصلحة الاستبداد والظلم والطغيان، واستخدام العنف بكافة أشكاله وأنواعه.
على مر التاريخ بحث رجال الدين عمن يحميهم، كما بحث الحكام عن شرعية تُؤوِي ظلمهم وطغيانهم، مرة بالسيطرة على العقول وتدجينها، ومرات بعنف ضد المطحونين يبرره دين وبحماية رجال دين متحالفين مع سلطة ضد الشعوب.
يمنح رجالُ الدين الحاكمَ وأعوانَه الشرعية ليتمكنوا من نهب الثورات وسحق الشعوب، ويدعم الحاكمُ رجالَ الدين ليمارسوا سلطتهم الدينية على الشعب.
لذا عندما قامت الثورة الفرنسية كان شعارها اشنقوا آخر ملك بأمعاء آخر قسيس.
في عالمنا الإسلامي يصطف بعضُ وعاظ السلاطين الذي يعيشون حياة باذخة في القصور والأملاك إلى جانب الحكام المتجاوزين على حقوق شعوبهم، ويُفتُون بوجوب الخضوع والخنوع لهم لأن طاعتهم -رغم ظلمهم- من طاعة الله، منَ خالفهم أو اعترض على ظلمهم خَالَفَ أمر ربه ووجبت عقوبته.