لا يكاد يوجد إجماع مثل الإجماع على خيبة أمل شديدة تجاه هيئة الصحفيين السعوديين، إنها واحدة فقط من مزاعم مؤسسات المجتمع المدني في السعودية، والحقيقة أنها ابن غير شرعي لهذا المجتمع.

سوف أحاول أن لا أتحدث كثيرًا عن هذه الهيئة التي مارس أعضاء مجلس إدارتها طوال أكثر من 4 سنوات من نشأتها مَهَمَّةً واحدة فقط هي: جعل وجود الهيئة مثل عدمه.

لماذا فشلت الهيئة؟ وبالنسبة لي شخصيًّا كان يجب أن تفشل، لأن هذا مآلها الطبيعي لأسباب سوف أوردها، مع أن الجميع تفاجأ أن يكون الفشل بهذا الحجم، فشلًا ذريعًا بشكل غير عادي.

أسباب فشل الهيئة الأساسية بغض النظر عن الأسباب الأخرى التي كانت محل خلاف وجدل مثل عدم قبول عضوية غير المتفرغين هي:

أن مؤسسات المجتمع المدني حتى تكون كذلك فيجب أن تنطلق من داخل المجتمع نفسه أو مجموعة المهنيين الذين يشكلون عضويتها، وتُؤسَّسَ ويُعلَن عنها، وتُصاغُ أنظمتها ولوائحها، وتمارِس أنشطتها بمعزل تام عن أي تدخل من السلطة أو أي جهة رسمية مرتبطة بالسلطة.

لذا فمجرد ولادة الهيئة من رحم السلطة، والصلاحيات المعطاة لوزير الثقافة والإعلام يجردها من كونها مؤسسة مجتمع مدني إلى مجرد هيئة أو لجنة أو غيرها متشكلة من خلال الوزارة وبرعايتها لتنسيق بعض شؤون الصحفيين.

لذا كان طبيعيًّا وبديهيًّا أن تنتقل عقلية الإدارة الحكومية وفردية اتخاذ القرارات إلى الهيئة.

لكنَّ العتب كله على الصحفيين بمختلف أطيافهم، فهم روح الحراك داخل المجتمع المدني، وهُمْ مَنْ يفترض بهم أسبقية المواقف وتعزيز نشاطات المجتمع المدني وتفعليها، فلماذا واجهوا فشل الهيئة وإخفاقها الكبير بالاستسلام والصمت المطبق، وكيف يدافع الصحفيون عن قضايا الوطن والمواطن وهم في دفاعهم عن أنفسهم وحقوقهم أعجز، فَكَمْ تَعَرَّضَ مِنْ صحفي وكاتب صحفي للإيقاف والمضايقات أحيانًا، والصحفيون لا صوت ولا موقف لهم، وكأن الأمر لا يعنيهم، فساهموا بصمتهم في تعطيل هيئتهم لتكون مجرد اسمٍ لا قيمة له ولا لون ولا طعم، مع أن أية إساءة لصحفي هي إساءة للمهنة ولكافة المنتمين إليها.

ورغم قناعتي بأن الأساس الذي بُنِيَتْ عليه الهيئة غير سليم وبالتالي لن يكون مثمرًا بالشكل المطلوب، إلا أنه على الأقل يوفر مساحة، قرر الصحفيون وبكل أسف تَرْكَهَا خالية، فهل سوف يصرون على إعادة انتخاب نفس الذين قادوها للفشل، ليواصلوا إصرارهم على تعطيل الهيئة.