قبل الخوض في مسألة زواج الخدعة، أو ما يسميه الفقهاء الزواج بنية الطلاق سوف نُعرِّج على زواج المتعة. زواج المتعة هو زواج لمدة معلومة بين الطرفين (الزوج والزوجة) كأن يكون لشهر أو شهرين أو سنة…إلخ. المهم في صحة هذا العقد أن المدة معلومة لكلا الطرفين وباتفاقهما. وهذا النوع من الزواج أجازه الشيعة، وحرمه علماء السنة في المذاهب الأربعة، بل عَدَّهُ بعضهم من الزنا.
أما زواج الخدعة الذين يسمونه الزواج بنية الطلاق فهو:
زواج مؤقت يحدد الرجل مدته شهر أو شهرين أو سنة، أو عند انتهاء دراسته أو رحلة عمله. وأهم شرط لصحته هو أن لا يخبر الزوجة أو وليها أنه زواج بنية طلاق.فلو أنَّبَهُ ضميرُه، أو انتابه حس إنساني أو أخلاقي -والعياذ بالله- فأخبر الزوجة أو وليها تصريحًا أو تلميحًا بنية الطلاق، وقع في المحظور وخالف أمر ربه حسب رأي رجال الدين السنة الذين أجازوا هذا النوع من الزواج. لأن صحة هذا الزواج قائمة على شرط الخداع والتدليس.
وسبب جواز هذا النوع من الزواج هو: الاستمتاع بالمرأة جنسيًّا إذا لم يأمن الرجل الفتنة، ثم يطلقها بعدما يقضي وطره منها بدون النظر في الأضرار النفسية والاجتماعية المترتبة على ذلك لهذه المرأة المخدوعة.
ونفس رجال الشريعة الذين يبيحون هذا الزواج -سامحهم الله- يطنطنون كثيرًا حول تكريم الإسلام للمرأة ولكنْ وِفْقَ فهمهم لهذا التكريم، فهل تحويلها إلى أداة للمتعة الجنسية المحضة يعد من تكريمها؟؟!!
فَأَعْجَبُ كثيرًا عندما يصبح زواج المتعة محرمًا، مع أن شرطه مدة معلومة بين الطرفين، والزواج بنية الطلاق مباحًا مع شرط استغلال الزوجة وخداعها!!!
والمصيبة أن كثيرًا من الرجال يسافرون لأجل هذا الغرض، خصوصًا من يظنون أنفسهم متدينين متعففين عن ارتكاب الزنا، ويبحثون عن وسائل مشروعة بموجب مثل تلك الفتاوى لممارسة المتعة الجنسية بشكل متكرر كل مرة مع امرأة مختلفة، وقد وجَدَتْ كثيرات من بنات الهوى في بعض الدول لأنفسهن سوقًا رائجة عند هؤلاء.
الشيخ المطلق ضمن محاضرته للمبتعثين يقول: “داعيًا المبتعثين إلى أن يمثلوا بلادهم خير تمثيل بأخلاقهم وآدابهم الإسلامية والحفاظ على وقتهم بالأعمال الصالحة والنافعة. مؤكدًا في الوقت نفسه أن المبتعث السعودي يُلَاحَظ عليه ما لا يُلَاحَظ على غيره خاصة، وأن المملكة تمثل لدول شرق آسيا والمسلمين فيها مهد الرسالة وبلاد الحرمين”.
ثم أجاز لهم الزواج بنية الطلاق !!
(المصدر صحيفة الرياض العدد 14151)
وفيما يلي بعض الآراء الشرعية التي أباحت هذ النوع من الزواج والتي حرمته.
السؤال: س 56
شخص سافر إلى أمريكا بغرض الدراسة هل يجوز له أن يتزوج وهو بنيته الطلاق بعدما ينهي دراسته؟ علمًا بأن المرأة غير مسلمة.
الجواب:
الزواج في أمريكا يجوز ولو لكتابية كالنصرانية، وإذا أضمر أنه يطلقها بعد انتهاء الدراسة جاز له ذلك، لكن لا يشترط في العقد ولا يحدد المدة ولا ينقص من المهر لأجل هذا الغرض، ولا يضره كونه يضمر الطلاق في قلبه فربما تتغير نيته، فإن طلق فهو الخاسر. والله أعلم.
أنا موظف مغترب في المملكة في مدينة الرياض، وأنا سوري الجنسية، أرغب في التزوج بطريقة زواج بنية الطلاق، فما حكم الإسلام في هذا، خاصة أنه عندما ينتهي عقد العمل في المملكة أريد أن أُطلِّق وأسافر؟ أفيدوني أفادكم الله.
هذه المسألة فيها خلاف بين أهل العلم، والأكثرون على جواز ذلك؛ لأن النية داخلية ليس فيها مشارطة بينه وبين أهل الزوجة ولا بينه وبين الزوجة؛ فليس هذا من باب المتعة، بل هذا نكاح شرعي صحيح عند جمهور أهل العلم، وكونه ينوي الطلاق في المستقبل عند سفره أو عند حاجة أخرى لا يضره ذلك. هذا شيء مباح له، الطلاق مباح له عند الحاجة إليه، ولكن ليس بشرط، أما إذا شُرط عليه ذلك أنه يطلق في وقت كذا بعد شهر بعد شهرين بعد سنة، أو اتفق على ذلك فهذه المتعة المحرمة لا يجوز، لكن ما دام هذا شيئًا في نفسه ليس بينه وبينهم فيه شرط وإنما هو بينه وبين الله -عز وجل- فهذا لا يضر النكاح على الصحيح عن جمهور أهل العلم.
روابط أخرى حول الموضوع:
موقع المسلم: فتوى د. ناصر العمر
العربية نت: مخاوف من تنامي ظاهرة زواج سعوديين بإندونيسيات بنية الطلاق