نُشرت بتاريخ 18 يوليو 2010
ينبغي للمواطن السعودي معرفة واقع هذه الجمعية وموقعها من المجتمع المدني، فقد أطلقت على نفسها مسمى “جمعية” وقالت في موقعها الإلكتروني للتعريف بنفسها في مغالطة للواقع: “أن تكون جمعية حماية المستهلك مؤسسة المجتمع المدني الرائدة في حماية المستهلك”.
فكيف يثق المواطن في مصداقية مَن يبدأ بمغالطة، أو يستغل جهل المجتمع، أو يثق فيمن يجهل لو كانوا هم يجهلون.
فهي ليست جمعية مجتمع مدني مستقلة، فيمكنها أن تكون أي شيء آخر، إدارة تابعة لوزارة التجارة، لجنة، هيئة شبه أهلية، أي شيء آخر، إلا أن تكون جمعية مجتمع مدني، وليس ذلك فحسب بل تعتبر نفسها أنها مؤسسة مجتمع مدني، رائدة وهي لم تبدأ عملها بعد.
قبل الخوض في مسألة بطلان الادعاءات بأنها مؤسسة مجتمع مدني وأنها مستقلة، دعونا نتعرف على ماهية مؤسسات المجتمع المدني:
إن أحد الشروط المهمة والجوهرية والأساسية التي تجعل مؤسسةً ما مؤسسةَ مجتمع مدني هو أنها تنشأ بإرادة ومبادرة مواطنين باستقلالية تامة عن السلطة والجهات الرسمية، ولا تحتاج حتى موافقات حكومية، باستثناء الأنظمة التي تنظم العلاقة بين الجميع بما في ذلك الدولة والمجتمع، وفي حال اعتراض جهات حكومية على إحداها تلجأ للقضاء في ذلك، والقضاء (المستقل) يُصدِر حكمه وفق ما جاء في نصوص الدستور أو القوانين والأنظمة العامة.
وكذلك تصوغ مؤسسات المجتمع المدني وتضع أنظمتها ولوائحها بمعزل عن تدخل الجهات الرسمية؛ لأن أي تدخُّل سيفقدها -أو يحد من- استقلاليتها، فكيف لجمعية يُمَارَس معها أبوية مجلس الوزراء ومجلس خبرائه في مراجعة أنظمتها، ويتدخل الوزير في تنظيم لجنتها التأسيسية، -كيف ستمثل هذه الجمعية المواطنَ في مراجعة أنظمة الجهات الحكومية التي لها مساس بمصالح المواطنين والمطالبة بتعديلها، ففاقد الشيء لا يعطيه.
للنظر هنا لواقع جمعية حماية المستهلك السعودية التي تزعم الاستقلالية والتي تطرح نفسها كمؤسسة رائدة في المجتمع المدني.
أولًا: صدر قرار تأسيس الجمعية بقرار مجلس الوزراء، وكذلك قرار آخر للموافقة على نظامها.
ثانيًا: اللجنة التأسيسية بدأت في مباشرة أعمالها وعقدت اجتماعا بعد تشكيلها من جانب وزير التجارة السابق هاشم عبد الله يماني، وهو الذي كلف رئيسها الحالي منسقًا للجنة التحضيرية، وتمت المصادقة على نتائج الانتخابات بقرار من وزير التجارة.
وهذا كله يؤكد أنها مؤسسة حكومية في لباس جمعية مجتمع مدني.
إن طرح مثل هذه الجمعيات والهيئات نفسَهَا على أنها مؤسسات مجتمع مدني في تصوري تَوَجُّهٌ يفتقد للمصداقية، ويسيء لسمعة المملكة أكثر من تلميعها لأن الحقيقة أننا نفتقد تمامًا لمفهوم المجتمع المدني ومؤسساته تنظيمًا وثقافة، وهي قضية رغم أهميتها البالغة وحاجة المجتمع إليها، إلا أنها ما زالت لا تشكل حضورًا في وعي المجتمع ولا حتى في وعي مثقفيه وأكاديمييه وكثير من الإعلاميين.