من طبيعة كثير من البشر أنهم يسعدون بمديح وثناء الآخرين، أو يمنحهم مشاعر إيجابية، أو يحفزهم نحو الأفضل، والبعض منا يُطرِبُه ذلك كثيرًا.
بعض الكُتَّاب الصحفيين امْتَهَنَ كثيرًا المديحَ لبعض المسؤولين، ولكنه يمارسه بشكل مكشوف مقزز لدى الكثيرين.
المديح عندما ينطوي على مبالغة أو تضخيم أو كذب يصبح مثل السخرية من الشخص الممدوح، تطارد عباراتُ التحقير والسخرية المادحَ والممدوحَ.
مَنْ يمارس هذا النوع من المديح غالبًا يدرك ذلك جيدًا، يدرك تمامًا أن أحدًا لن يصدقه أو يحترم كلامه، ويدرك جيدًا أنه يسخر من الممدوح لأجل أُعْطِيَة (شَرِهَة) أو منصبٍ أو منفعة من أي نوع.
الممدوح وحده لا يدرك أن المديح المبالغ فيه أو الذي ينطوي على كذب هو سخرية منه، يجلب عليه نكات الناس وتحقيرهم له؛ كونه يرتضي ذلك لنفسه، وكثيرون يعتقدون أنه لو لم يحفز هؤلاء المنافقين ويكافئهم لَمَا تَمَادَوا أكثر.
الإنسان السَّوِيُّ يدرك جيدًا أن المديح من هذا النوع يُهينه أمام الآخرين، ويستفز مشاعرهم تجاهه أكثر إذا كان لا يستحقه، ولكنَّ المشكلة إذا كان الممدوح لا يفهم الواقع ولا طبيعةَ وكيفيةَ تَكَوُّنِ مواقف الناس؛ فيَطْرَبُ له في برجه العاجي، وحوله قطعان المنافقين أيضًا يسخرون منه بمواصلة المديح وتضخيم ذاته التي تعاني من الفشل والفساد، ليحققوا من ورائه منفعة شخصية.
الذين يعملون بِجِدٍّ وإخلاص سوف يثني عليهم الناس بصدق بلا نفاق أو تَزَلُّف عندما يرون منجزاتهم على أرض الواقع من دون الحاجة إلى فِرَقِ التطبيل التي باتت تثير السخرية والاستحقار أكثر كلما زاد وعي المجتمع وتجاربه.