يتصور كثير من الناس خطأً أن وظيفة المحامي ومهمته الأساسية هي محاولة جلب البراءة للمتهم حتى ولو ثبت لديه جرمه، وقد أسهمت بعض الأعمال الدرامية والأفلام في تكريس مفهوم خاطئ عن دور المحامي في الترافع عن المتهمين بأنه يدافع عن جرائمهم.
لذا يتصور البعض بأن واجب المحامي عدم الترافع عن متهم ثابت جرمه، وهذا يأتي من هذا الفهم المغلوط والمشوه لوظيفة المحامي.
فالقاعدة أن كل متهم بريء حتى تثبت إدانته بحكم قضائي نافذ، والذي يساعد في الوصول للحقيقة مع ضمان حقوق المتهم هو المحامي.
الأمر الآخر والذي لا يدركه كثيرون بسبب غياب الثقافة الحقوقية، أنه لو قررنا أن المتهم ثبتت إدانته حتى قبل صدور الحكم، فإن دور المحامي هنا لا يتمثل في محاولة جلب البراءة للمتهم حتى لو عَلِمَ عِلْمَ اليقين ثبوتَها عليه. (خلافًا للقاعدة أنها لا تثبت إلا بحكم قضائي، وعدا ذلك هو لا زال مجرد متهم).
بل دوره هو ضمان أن الإدانة تتم وفق إجراءات قانونية وقضائية سليمة وعادلة من حيث استخدام الأدلة وسلامة إجراءات الضبط والتفتيش، وتحصُّل المتهم لكافة حقوقه خلال التوقيف، وضمان سلامة إجراءات التحقيق، وعدم الضغط على المتهم بتهديد أو تعذيب نفسي أو جسدي، وممارسة حقه في مواجهة شهود الإثبات، وحقه في الاستماع إلى شهود النفي، وضمان عدم التزود في توجيه أو تلفيق التهم، وضمان حقه في التبليغ بجلسة المحاكمة قبل موعد محدد حسب ما تقره الأنظمة ، وتلاوة لائحة الادعاء، وتسليمه نسخة منها، وإتاحة الفرصة له للدفاع عن نفسه أو من خلال محاميه، وغيرها من جملة حقوق لا يتسع المجال لذكرها.
هذه الحقوق أعلاه يتساوى في استحقاقها كافة المتهمين مهما عَظُمَ في أعين المجتمع فظاعة جرمهم مثل القتل والسرقة والاختطاف وجرائم الإرهاب، لأنه يظل لهم حقوق يجب أن تصان، وقيمُ الحق والعدل تقتضي العقاب وفق الأنظمة والقوانين العدلية بدون تزود أو انتهاك لحقوق أو كرامة المتهم.
وهذا كله يعزز دور المحامي، في ضمان هذه الحقوق.
المتهم عادة يقف أمام خبراء قانونين من المحقق إلى القاضي، وهو لا يملك تلك الأدوات التي يدافع بها عن نفسه أو يضمن بها حقوقه كمتهم، لذا يقوم المحامي بهذا الدور.